زياد الرحباني في دمشق.. تجربة فنية روحية تحيي ذكرى الموسيقار الراحل

 

في قلب دمشق، اجتمع فنانون وموسيقيون ومحبّو زياد الرحباني في أمسية استثنائية حملت أكثر من طابع فني، إذ تحولت إلى تجربة روحية جماعية لإحياء ذكرى الموسيقار الراحل.

الأمسية لم تكن مجرد حفلة أو تكريم عابر، بل بدت وكأنها مساحة وجدانية امتزج فيها الغناء بالموسيقى والذاكرة، لتستحضر روح زياد الذي ارتبط اسمه لدى أجيال كاملة بالصدق الفني والجرأة التعبيرية. أصوات شبابية أدت مقطوعاته وأغنياته المعروفة، بينما تحدث فنانون سوريون عن أثره الكبير في حياتهم اليومية، معتبرين أن أعماله ليست فقط موسيقى بل جزء من تفاصيل الذاكرة والهوية.

المشاركون وصفوا التجربة بأنها مغامرة صادقة وحميمية، إذ غنّى الجميع “من القلب”، وجلس الحضور كعائلة واحدة تستعيد إرثًا موسيقيًا تجاوز الحدود، وحمل في طياته مواقف سياسية وإنسانية واجتماعية ما زالت حاضرة حتى بعد رحيله.

في دمشق، حيث التقت دائمًا الأصوات العربية وتداخلت الثقافات، اكتسبت الأمسية بعدًا خاصًا، فقد بدت كجسرٍ بين الماضي والحاضر، بين الفنان الغائب وجمهوره الذي لا يزال يجد فيه نبضًا حيًا. إنها لحظة أكدت أن زياد الرحباني، رغم الغياب الجسدي، حاضر في الذاكرة والوجدان، وأن الموسيقى قادرة على أن تكون صلاة جماعية تحفظ الذكرى وتُجدّد الأثر.

ليلة دمشقية خاصة، حملت معها عبق الذكريات ووهج الموسيقى، حيث اجتمع عشاق زياد الرحباني في أمسية فنية تحولت إلى طقس روحي بامتياز. المكان امتلأ بأصوات تعيد عزف مقطوعاته الشهيرة وأغنياته التي شكّلت وجدان أجيال، فيما انصهر الجمهور في حالة وجدانية قلّ نظيرها، وكأن زياد حاضر بينهم رغم الغياب.

الفنانون المشاركون أكدوا أن ما قدموه لم يكن مجرد أداء موسيقي، بل فعل حب ووفاء لفنان ترك بصمة لا تُمحى. بعضهم وصف الأمسية بأنها "مغامرة جميلة" في زمن يحتاج فيه الفن إلى التضامن والالتفاف، فيما شدد آخرون على أن زياد لم يكن موسيقيًا فقط، بل رمزًا للتعبير الحر والالتزام بقضايا الإنسان.

دمشق، بحمولتها الثقافية العريقة، منحت هذا اللقاء معنى مضاعفًا. فالمدينة التي طالما كانت ملتقى للأصوات العربية، بدت في تلك الليلة وكأنها تستعيد روحها من خلال صوت زياد وإرثه. الجمهور بدوره لم يكتفِ بالاستماع، بل شارك بالغناء والتفاعل، ليحوّل الأمسية إلى احتفال جماعي يكرّس استمرار حضور الرحباني في الذاكرة الشعبية.

التجربة أثبتت أن الموسيقى الصادقة لا تموت، وأن إرث زياد الرحباني سيبقى حيًا في الوجدان العربي، يحرض على التفكير، ويدعو للحب، ويمنح الناس فسحة أمل حتى في أصعب اللحظات. إنها لحظة التقاء بين الفن والروح، أكدت أن ذكرى الكبار تُحيا بالفعل الجماعي، وبالقدرة على تحويل الحزن إلى طاقة جمال متجددة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم