أسئلة كثيرة يطرحها الامريكيون عن أسباب التصاعد المرعب في مجازر القتل الجماعي وخصوصا في المدارس، حيث يلقي الديمقراطيون اللوم على الأسلحة المنتشرة بكثرة والتي يدعمها لوبيات السلاح التي تقف خلف الحزب الجمهوري. ام هناك أسباب اجتماعية وثقافية ونفسية وانشطار المجتمع الأمريكي الى معسكرات متقاتلة بين التوجهات المحافظة والليبرالية.
حيث تواجه الولايات المتحدة مجددًا كابوس الاستخدام الشائع للأسلحة النارية غداة عملية إطلاق النار في مدرسة في يوفالدي في تكساس قُتل فيها 19 تلميذًا.
بعد خمسة أيام على المجزرة في مدرسة ابتدائية في يوفالدي، يزور الرئيس الأميركي جو بايدن المدينة الواقعة في ولاية تكساس للتعبير عن تضامنه مع أقارب ضحايا إطلاق النار الذي صدم الولايات المتحدة وأحيا الجدل حول حيازة الأسلة النارية.
وقال بايدن في خطاب ألقاه السبت "لا يمكننا منع المآسي، أعلم ذلك. لكن يمكننا جعل أميركا أكثر أمانًا"، مبديا أسفه لـ"مقتل هذا العدد من الأبرياء في هذا العدد من الأماكن".
وقُتل 19 طفلًا ومدرّستان الثلاثاء في مدرسة روب الابتدائية عندما أطلق سالفادور راموس (18 عامًا) النار، في أحد حوادث إطلاق النار الأكثر دموية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. إلى جانب التلاميذ الذي تبلغ أعمارهم عشر سنوات تقريبا، قُتل بالغان عندما أطلق شابّ يبلغ 18 عامًا النار في مدرسة ابتدائية في تكساس الثلاثاء قبل أن ترديه الشرطة.
وسيكون قادرًا بلا شكّ على ايجاد الكلمات المناسبة ليواسي اقارب الضحايا في معاناتهم، لكن لن يكون بإمكانه قطع وعود باتخاذ خطوات تُلبّي المطالب بفرض رقابة أكثر صرامة على حيازة واستخدام الأسلحة النارية.
ولا يمكن للديموقراطيين في ظل غالبيتهم الضئيلة جدا في الكونغرس، تمرير تشريعات مهمة بهذا الصدد، إذ هم بحاجة إلى إقناع بعض الجمهوريين بالتصويت معهم لضمان الحصول على الغالبية الضرورية لذلك.
وحرصا منه على عدم إقحام بايدن في المعركة السياسية، أعلن البيت الأبيض على لسان المتحدثة باسمه كارين جان بيار أنه "بحاجة لمساعدة الكونغرس".
وفي رسالة مماثلة، شددت نائبة الرئيس كامالا هاريس السبت على أن أعضاء الكونغرس "يجب أن يتحلوا بالشجاعة للوقوف بشكل نهائي بوجه لوبي الاسلحة وتمرير قوانين أمنية منطقية بشأن الاسلحة النارية".
وفي مؤشّر إلى التوتر الذي أثارته عملية إطلاق النار، قاطع الديموقراطي بيتو أوروركي المؤتمر الصحافي لحاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت الأربعاء، متّهمًا إياه بأنه "لا يفعل شيئًا" و"لا يقترح شيئًا".
وقال أوروكي "تقولون إن ذلك لم يكن متوقعًا، إلّا أنه كان متوقعًا تمامًا اعتبارًا من اللحظة التي قررتم فيها عدم القيام بأي شيء".
شدد الرئيس الأميركي الذي بدا عليه التأثر في كلمة في البيت الأبيض الثلاثاء أن "حان الوقت لتحويل الألم إلى تحرك".
وسأل "متى، حبّاً بالله، سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟ ... أنا مشمئز ومتعب" من حوادث إطلاق النار المتكررة في المدارس.
"ستموتون جميعًا"
وأغرقت عملية إطلاق النار في يوفالدي وصور وجوه الأطفال القتلى، الولايات المتحدة مجددًا في كابوس عمليات إطلاق النار في المدارس.
ويركز سكان المدينة الصغيرة الآن على معاناة الناجين .
وقال اومبيرتو رينوفاتو (33 عامًا) السبت لوكالة فرانس برس "يجب أن نساعد هؤلاء الأطفال على الخروج من هذه الصدمة، من هذا الألم".
ونشرت وسائل إعلام أميركية السبت شهادات لأطفال نجوا من المجزرة يصفون فيها الرعب الذي عاشوه في مدرستهم.
دخل المهاجم الصف وأوصد بابه وقال للأطفال "ستموتون جميعا" قبل أن يباشر إطلاق النار عليهم، وفق ما روى الناجي سامويل ساليناس (10 أعوام) لقناة "إيه بي سي".
وأضاف الطفل "أعتقد أنه صوّب نحوي" لكن كرسيا بينه وبين مطلق النار أنقذه من الرصاصة.
اثر ذلك، حاول ساليناس "التظاهر بالموت" في الغرفة المخضّبة بالدماء حتى لا يستهدفه مطبق النار.
وعمدت ميا سيريلو (11 عاما) إلى الوسيلة ذاتها يتحويل انتباه سلفادور راموس عنها، فلطخت نفسها بدم رفيق لها قتل بجانبها، كما أوضحت لشبكة "سي إن إن" في شهادة لم تُصوّر. وهي رأت راموس يقتل مدرّستها بعدما قال لها "تصبحين على خير".
وأكد التلميذ دانيال لصحيفة "واشنطن بوست" أن الضحايا امتنعوا عن الصراخ أثناء انتظارهم وصول الشرطة لإنقاذهم.
وقال "كنت خائفا ومجهدا لأن الرصاص كاد يصيبني".
وأوضح أن معلّمته التي أصيبت في الهجوم لكنها نجت، طلبت من التلاميذ "التزام الهدوء" و"عدم التحرك".
من جهتها قالت والدته بريانا رويز إن الأطفال الذين نجوا "يعانون صدمة، وسيتعين عليهم التعايش معها طوال حياتهم".
استغرقت الشرطة نحو ساعة الثلاثاء قبل التدخل لوقف المجزرة رغم تلقيها اتصالات استغاثة عدة من تلاميذ. وكان هناك 19 عنصر أمن خارج المدرسة لكنهم انتظروا وصول وحدة من شرطة الحدود.
وقامت سلطات ولاية تكساس الجمعة بنقد ذاتي، وأقرت بأن الشرطة اتخذت "قرارا خاطئا" بعدم دخول المبنى بسرعة.
غيمة سوداء تخيّم على المدينة
وفي يوفالدي، سيطرت على السكان مشاعر الحزن والخوف والصدمة بعد عملية إطلاق النار. وأغلقت الشرطة الطرقات المحيطة بالمدرسة.
ويقول لوكالة فرانس برس أدولفو هرنانديز الذي كان ابن أخيه متواجدًا في المدرسة التي حصل فيها إطلاق النار، "نشعر وكأن غيمة سوداء تخيّم على المدينة".
ويضيف "نريد أن نستيقظ من هذا الكابوس الرهيب"، واصفًا المدينة بأنها "محطمة القلب ومدمّرة".
وقال حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت في مؤتمر صحافي إنّ المهاجم "أطلق النار وقتل الضحايا بشكل مروّع ومجنون" في مدرسة بلدة يوفالدي الواقعة على بعد 130 كيلومترا تقريبا غرب سان انطونيو.
وكان مطلق النار يحمل بندقية نصف آلية من طراز AR-15.
ويبدو ان سالفادور راموس الأميركي الجنسية استهدف جدته أولا التي لم يتضح وضعها الصحي بعد قبل ان يتوجه إلى المدرسة في سيارة لارتكاب هذه المجزرة.
وكان راموس قد كتب على صفحته على فيسبوك أنه سيهاجم المدرسة، حسبما قال الحاكم غريغ أبوت.
وقع إطلاق النار في مدرسة روب الابتدائية التي تستقبل أطفالا دون العاشرة في يوفالدي.
ووفق بيانات سلطات تكساس فقد ارتاد المدرسة خلال العام الدراسي 2020-2021 أكثر من 500 طفل، 90% منهم تقريبا من أصول أميركية لاتينية.
وأظهرت أشرطة فيديو عرضت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أطفالا يتم إجلاؤهم على عجل وهم يركضون ضمن مجموعات صغيرة إلى حافلات مدرسية صفراء أمام المدرسة.
قُتلت إيفا ميريليس، وهي معلمة أثناء محاولتها حماية طلابها، وفق ما اوضحت خالتها ليديا مارتينيز ديلغادو لصحيفة نيويورك تايمز.
وقالت لوسائل إعلام أميركية "أنا غاضبة من استمرار عمليات إطلاق النار هذه، هؤلاء الأطفال أبرياء، لا ينبغي أن تكون الأسلحة متاحة بسهولة للجميع".
نقاش عقيم
ويُغرق هذا الهجوم الولايات المتحدة مرة جديدة في مآسي عمليات إطلاق النار في الأوساط التعليمية مع ما يرافق ذلك من مشاهد مروّعة لتلامذة تحت تأثير الصدمة تعمل قوات الأمن على إجلائهم ولأهالٍ مذعورين يسألون عن أبنائهم.
وتعيد العملية إلى الأذهان مأساة مدرسة ساندي هوك الابتدائية في كونيتيكت حين قتل مختل عقليا في العشرين من العمر، 26 شخصا من بينهم اطفال تراوح أعمارهم بين 6 و7 سنوات قبل أن يقدم على الانتحار.
ودعا كريس مورفي السناتور الديموقراطي عن تلك الولاية الواقعة في شمال شرق الولايات المتحدة زملاءه إلى التحرك مؤكدا انه "يمكن تجنب" هذه المآسي.
وأكد "هذه الحوادث تقع فقط في هذا البلد وليس في أي مكان آخر. فما من بلد آخر يفكر فيه الأطفال عندما يتوجهون إلى المدرسة أنهم قد يتعرضون لإطلاق نار".
وأكّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عبر شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي تروث سوشال "تحتاج أميركا لحلول فعليّة وقيادة حقيقية في هذه الفترة، لا لسياسيين أو لاعتبارات حزبية".
وقع الهجوم بعد 10 أيام من إطلاق النار على 13 شخصا في محل بقالة في حي تقطنه أغلبية من السود في بافالو بنيويورك، مما دفع الرئيس جو بايدن للدعوة إلى فرض قوانين أكثر صرامة لاستخدام السلاح في خطاب وجهه للشعب الأمريكي.
وقال بايدن وقد علا صوته “نحن كشعب علينا أن نسأل أنفسنا متى، بحق الرب، سننهض ونقف في وجه جماعات الضغط” المدافعة عن حق حمل السلاح.
لكن احتمالات إصدار تشريع جديد ما زالت ضعيفة. ويعارض جميع الجمهوريين تقريبا في الكونجرس فرض قيود جديدة على حمل السلاح، مستندين إلى الحق الذي يكفله الدستور الأمريكي بهذا الشأن.
وعبر قادة العالم عن صدمتهم وتعاطفهم. وقال البابا فرنسيس إن حادث إطلاق النار في تكساس “مزق قلبه” ودعا إلى إنهاء “الاتجار العشوائي في الأسلحة”.
واقعة إطلاق النار في تكساس هي أدمى حادث يقع في مدرسة أمريكية منذ أن قتل مسلح 26 شخصا، من بينهم 20 طفلا، في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في ولاية كونيتيكت في ديسمبر كانون الأول 2012.
وجدد الديمقراطيون في واشنطن دعواتهم لتشديد قوانين استخدام السلاح. وقال السناتور الأمريكي كريس مورفي من ولاية كونيتيكت، وهو من كبار المدافعين عن تشريع للحد من انتشار الأسلحة، للصحفيين “أنا لا أفهم لماذا يعتقد الناس هنا أننا ضعفاء”.
ووافق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون العام الماضي على مشروعي قانون يوسعان عمليات التحقق من خلفية الشخص الذي يريد شراء السلاح، بما في ذلك إغلاق ثغرة تستثني المبيعات عبر الإنترنت والمبيعات الخاصة. لكن التشريع لم يتقدم في مجلس الشيوخ، حيث يلزم تأييد ما لا يقل عن 10 أصوات من الأعضاء الجمهوريين.
وفي أعقاب إطلاق النار، دعا اثنان على الأقل من المسؤولين المنتخبين المنتمين للحزب الجمهوري في تكساس إلى تعزيز الأمن في المدارس وتسليح المعلمين، وهو نهج عارضه دعاة الحد من بيع الأسلحة.
طفلة تلطخ نفسها بدم زميل
كشفت طفلة تبلغ 11 عاما نجت من المجزرة المروعة التي شهدتها مدرسة روب الابتدائية في يوفالدي بولاية تكساس، أنها لطخت نفسها بدماء زميل لها في المدرسة لقي مصرعه في محاولة للاحتماء من مطلق النار.
ووافقت ميا سيريلو، التي فقدت القدرة على التحدث إلى الرجال بعد المجزرة، على إجراء مقابلة مع مراسلة شبكة "سي إن إن" بعيدا عن الكاميرا، حيث أخبرتها أنها استخدمت هاتف معلمتها القتيلة لطلب النجدة، بينما كان القاتل يردي الأطفال في مدرستها قتلى واحدا بعد الآخر في إحدى مناطق تكساس الريفية.
وهذه هي الشهادة الأولى لتلميذة ناجية من داخل مدرسة روب الابتدائية في يوفالدي التي نفذ فيها سلفادور راموس جريمته الجماعية التي أودت بحياة 19 طفلا وطفلة ومدرّستين اثنتين، في واحدة من أسوأ عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة.
وروت ميا التي تعاني من تساقط خصل شعرها بعد المجزرة أن راموس تبادل النظرات مع إحدى المعلمات وهو يشق طريقه إلى غرفة صفها. بعد ذلك قال "ليلة سعيدة" وأجهز على المعلمة ببندقيته شبه الآلية، ثم صوب البندقية باتجاه المعلمة الثانية والعديد من زملاء صف ميا وبدأ بإطلاق النار عليهم وقتلهم. وانتقل راموس لاحقا إلى صف دراسي آخر مطلقا النار على الأطفال المذعورين، وفق ما قالت ميا لمراسلة "سي إن إن".
وأضافت ميا أنها بحثت مع زميل عن هاتف معلمتها الضحية واتصلت بالشرطة قائلة "أرجوكم تعالوا"، لكن خوفها من عودة القاتل دفعها لتلطيخ نفسها بدماء زميل مقتول بهدف التمويه، بينما هي مستلقية على الأرض لمدة أحست على حد وصفها أنها ساعات قبل أن تصل النجدة.
وأطلقت إبيغايل فيلوز والدة ميا صفحة على موقع "غو فاند مي" لجمع التبرعات لابنتها التي عانت من إصابات في راسها وكتفيها من أجل دفع تكاليف علاجها الجسدي والنفسي بعد المجزرة.
وكتبت فيلوز على الصفحة أن غرفة صف ابنتها كانت "من الغرف الرئيسية التي استهدفت من قبل مطلق النار"، مضيفة أن ميا "سوف تحتاج إلى الكثير من المساعدة جراء الصدمة التي تعاني منها". وجمعت الصفحة أكثر من 270 ألف دولار حتى بعد ظهر الجمعة، على الرغم من أن الهدف المحدد للمبلغ المنوي جمعه كان عشرة آلاف.
وفاة زوج مدرّسة من شدة الحزن
قال أقارب مدرّسة قُتلت الثلاثاء أن زوجها توفي "من شدة الحزن" على فراقها.
وعلى صفحة في موقع جمع التبرعات "غو فاند مي" أنشئت لتوفير احتياجات أبناء المدرّسة إيرما غارسيا الأربعة، الذين أصبحوا يتامى الأم والأب الآن، قالت ديبرا أوستن إنّ جو غارسيا "فارق الحياة بشكل مأساوي هذا الصباح إثر حالة طبية طارئة".
وتابعت ابنة عمة المدرّسة الراحلة "أنا مقتنعة بأن جو مات لأن قلبه انفطر. خسارة حبّ حياته بعد 25 عاماً (من العيش معاً) كانت أمراً يصعب تحمله". بدوره قال ابن شقيق المدرّسة ويدعى جون مارتينيز إن "زوج عمّتي إيرما، جو غارسيا، مات من شدّة الحزن".
وأفاد مراسل لتلفزيون محلي أن غارسيا توفي بسبب نوبة قلبية. وهما متزوجان منذ 24 عاما، وفقا لموقع مدرسة روب الابتدائية حيث وقعت المجزرة.
التلاميذ طلبوا الطوارئ 6 مرات
قالت السلطات الأمريكية إن أطفالا مذعورين اتصلوا برقم الطوارئ 911 ست مرات على الأقل من فصل في مدرسة في ولاية تكساس شهدت مذبحة وناشدوا الشرطة التدخل بينما انتظر نحو 20 شرطيا في الخارج لما يقرب من ساعة قبل دخول الفصل وقتل المسلح.
وقال الكولونيل ستيفن ماكرو مدير إدارة السلامة العامة في تكساس إن طفلين على الأقل اتصلا بخدمة الطوارئ 911 من فصول الصف الرابع الابتدائي إثر دخول المسلح الذي يدعى سلفادور راموس (18 عاما) ببندقية نصف آلية من طراز (إيه.آر-15) ليقتل 19 طفلا واثنين من المعلمين.
وأضاف ماكرو أن قائد فرقة الشرطة في المنطقة في يوفالدي بتكساس اعتقد أن راموس متحصن في الداخل وأن الأطفال لم يعودوا في خطر مما منح الشرطة وقتا للاستعداد.
وتابع قائلا “بالطبع عندما أجلس الآن بهدوء أرى أن القرار لم يكن صائبا.. كان قرارا خاطئا”.
وأظهرت تسجيلات فيديو نشرت يوم الخميس أولياء أمور في حالة من الهياج خارج المدرسة وهم يتوسلون للشرطة اقتحام المبنى خلال الهجوم لدرجة أن الشرطة اضطرت لتقييد بعضهم.
وتوصي بروتوكولات التعامل الأمنية المعيارية للشرطة في حالة التعامل مع مطلق نار نشط في مدرسة بالتعامل معه دون تأخير وهو ما اعترف به ماكرو يوم الجمعة.
وتواجه شرطة ولاية تكساس الأمريكية انتقادات واسعة لتأخرها بإيقاف الشاب المسلح الذي قتل 19 طفلا وأستاذين في مدرسة روب بمنطقة يوفالدي. من جهتها، تدرس السلطات استجابة الشرطة والخطوات التي اتخذتها لوقف المجزرة.
في مقطع فيديو مدته سبع دقائق تقريبا نشر على يوتيوب، شوهد آباء يعيشون كابوسا - عملية إطلاق نار داخل مدرسة حيث يتعلم أطفالهم - وهم يصرخون ويوجهون شتائم إلى الشرطة من خلف شريط أصفر لف لمحاولة إبعادهم عن مدرسة روب الابتدائية في بلدة يوفالدي.
في مقطع فيديو آخر، يظهر أولياء أمور وهم يتفقدون ما يبدو أنه الجزء الخلفي من المدرسة ويشتكون بسخط من أن الشرطة لا تفعل شيئا فيما يحصل أسوأ حادث إطلاق نار في مدرسة منذ عقد.
وقال خاثينتو كاساريس، الذي قتلت ابنته جاكلين، في المجزرة "كان هناك ما لا يقل عن 40 عنصرا أمنيا مدججين بالسلاح لكنهم لم يفعلوا شيئا حتى فات الأوان". وأضاف "كان يمكن أن ينتهي الموقف بسرعة لو كان لديهم تدريب تكتيكي أفضل".
من جانبه، قال دانيال مايرز وزوجته ماتيلدا، وهما قسيسان محليان، لوكالة الأنباء الفرنسية إنهما شاهدا الأهالي في مكان الحادث مذعورين فيما بدا أن الشرطيين ينتظرون التعزيزات قبل دخول المدرسة. وتابع مايرز "كان الآباء يائسين. كانوا مستعدين للدخول. واحد من أفراد إحدى الأسر قال كنت في الجيش، فقط أعطوني سلاحا وسأدخل. لن أتردد. سأدخل".
وبحسب صحيفة "أوستن ستيتسمان"، فإن السلطات تدرس استجابة الشرطة بما في ذلك الخطوات التي اتخذتها لإيقاف المسلح.
وقال ستيفن مكرا مدير هيئة السلامة العامة في تكساس لشبكة "سي إن إن"، إن راموس بقي في الداخل قرابة 40 دقيقة قبل أن تتمكن الشرطة من إطلاق النار عليه وقتله.
وأشار المسؤولون إلى أنه تمكن من الدخول من باب خلفي وشق طريقه إلى صفين متجاورين حيث بدأ إطلاق النار. وعند سماع إطلاق النار من المدرسة، ركض الشرطيون في البداية وتعرضوا أنفسهم لإطلاق النار. وبدأ بعض الشرطيين بتكسير نوافذ وإجلاء تلاميذ ومدرسين فيما ساعدت العناصر الأمنية في إبقاء مطلق النار في مكانه حتى وصل فريق تكتيكي ضم عناصر من حرس الحدود الأمريكيين.
وقال رئيس حرس الحدود راوول أورتيز إن عناصره "لم يترددوا". وأضاف لشبكة "سي إن إن"، "وضعوا خطة. دخلوا ذلك الصف وتعاملوا مع الوضع بأسرع ما يمكن".
وفي أول تصريح لها، قالت أدريانا رييس والدة راموس لشبكة "إيه بي سي نيوز" إن ابنها قد يكون عدوانيا عندما يكون غاضبا لكنه "ليس وحشا" وإنها لم تكن على علم بأنه كان يشتري أسلحة.
وقالت السلطات إن راموس أطلق النار على جدته البالغة 66 عاما قبل أن يهاجم المدرسة. وتابعت رييس "أولئك الأطفال... أنا أعجز عن التعبير. لا أعرف ماذا أقول عن أولئك الأطفال المساكين".
وقالت والدة مطلق النار أدريانا راييس لشبكة إيه بي سي التلفزيونية إن ابنها ليس "وحشا" لكنه كان أحيانا "عدائيا". وفيما أفادت تقارير أنه كان ضحية تنمّر، قال تلميذان يعرفانه لفرانس برس إنه كان هو نفسه "متنمرا" في المدرسة.
لوبي الأسلحة في تكساس
يقول كيث جيلين خلال المؤتمر السنوي للجمعية الوطنيّة للبنادق في هيوستن الجمعة، إن حادث إطلاق النار في مدرسة في تكساس "يثير الاشمئزاز" لكن "لا يمكن إلقاء اللوم على البندقية" التي استخدمت لقتل 21 طفلاً ومعلماً
ويضيف الموظف المتقاعد من خدمات البريد (68 عاماً) "لطالما امتلكنا الأسلحة في هذا البلد"، مشيراً إلى أنّه يقتني أكثر من 50 قطعة سلاح.
يقف جيلين في الصفّ ليشاهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وهو يلقي كلمته في مؤتمر الجمعية الوطنية للوبي الأسلحة الذي يعقد في هيوستن بعد ثلاثة أيام على مجزرة مدرسة يوفالدي الابتدائية، التي تبعد ساعاتٍ عن مكان انعقاد المؤتمر.
ويقول جيلين الذي يرتدي سروالاً عسكرياً وقبّعة كتب عليها "ترامب" إن المجزرة "أثارت اشمئزازه" لكنّ المشكلة بالنسبة له "لا تكمن في اقتناء السلاح". ويشرح أنّ الأمور كان يمكن أن تأخذ منحى آخر لو كان الأشخاص في المدرسة مسلّحون.
ويؤكد جيلين أن "القتلة لا يخافون القاضي أو يهابون الشرطة"، لذلك يجب أن يخافوا من الضحايا الذين يستهدفونهم.
تستمرّ فعاليات مؤتمر الجمعية الوطنية للوبي الأسلحة حتى الأحد في مركز مؤتمرات كبير وسط مدينة هيوستن حيث يتظاهر معارضون للأسلحة في الخارج. ويحمل أحدهم لافتة كتب عليها "أيدينا ملطّخة بالدم".
وحظي ترامب بتصفيق شديد خلال المؤتمر عندما تلا أسماء جميع الأطفال الذين قضوا واصفا اياهم بأنهم ضحايا شخص "مجنون" خارج عن السيطرة، قبل أن يعود للإشارة إلى أن الجهود المبذولة للسيطرة على اقتناء السلاح "أمر غريب".
وانتقد الديموقراطيين لأنّهم "يشيطنون" أعضاء الجمعية الوطنية للبنادق "السلميين والملتزمين بالقانون".
تعرض ضمن صالات المؤتمر مئات الأسلحة من مسدّسات وبنادق نصف أوتوماتيكيّة، من بينها بندقية "إيه آر-15 إس" التي استخدمها مطلق النار في مدرسة يوفالدي، إلى جانب ملابس ومعدات صيد وملحقات للبنادق منها مناظير بعيدة المدى.
ويقول ضابط الشرطة المتقاعد ريك غامون وهو ينظر إلى كشكٍ عرضت فيه بنادق سوداء نصف أوتوماتيكية "كلّ الجهود المبذولة لنزع السلاح من الأميركيين مصيرها الفشل".
ويؤكّد غامون (52 عاماً) وهو يتفحّص أحد الأسلحة "المناسبة" ليضعها خلف مقعد سيّارته أو في خزنة منزله، "هذه ليست أستراليا لا يمكن أن تأخذوا السلاح من الناس".
وطبّقت أستراليا قوانين صارمة خاصّة بحيازة الأسلحة بعد مجزرة بورت آرثر عام 1996 التي راح ضحيّتها 35 شخصاً.
إلا أنّ الولايات المتحدة التي ينصّ دستورها على حقّ اقتناء السلاح فشلت في اتخاذ إجراءات تحدّ من العنف المسلّح، على الرغم من أنّها شهدت مراراً حوادث إطلاق نار.
شيطنة السلاح
هذا المؤتمر ليس مجرّد مكان لتجمّع محبّي الأسلحة، بل يشكّل فرصة لهؤلاء لاختبار الأسلحة التي يرغبون في شرائها.
وتقول الجندية السابقة في الجيش الأميركي ليزي في (31 عاماً) وهي تتفحّص أحد المسدّسات، لممثّل إحدى الشركات، "لفتني اللون الأرجواني للمسدّس، يمكن أن أخفيه تحت التنوّرة، فالجوّ في تكساس حارّ جداً لارتداء السراويل".
لكنّ ملامح ليزي تتغيّر عند سؤالها عن مجزرة تكساس. وتقول "بتقديري يجب أن يكون هناك المزيد من التوعية حول الأسلحة".
من جهته يقول جيم مانيارد، أحد مالكي الأسلحة والمدافعين عن صناعتها، إنّه وافق على عقد المؤتمر في موعده على الرغم من أجواء الحزن التي تسيطر في الولايات المتحدة. ويضيف "شيطنة السلاح لا تحلّ المشكلة التي نواجهها".
ويصف مانيارد التظاهرات المناهضة للأسلحة في محيط المؤتمر بـ"الضجيج"، معلّقا "عليهم التركيز أكثر على توسيع برامج الصحّة النفسيّة".
ويضيف "لن تحول هذه التظاهرات دون وقوع مزيد من أعمال العنف، ولن تمنع أي شخصٍ من إطلاق النار".
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار متكررة في المدارس عجزت الحكومات حتى الآن على التصدي لها.
ولا يفضي الجدل حول تنظيم حمل السلاح في الولايات المتحدة إلى أي نتيجة مع استحالة إقرار قانون وطني طموح حول هذه المسألة في الكونغرس.
ودعت حركة "مسيرة من أجل حياتنا" التي أطلقها تلامذة ثانويون في باركلاند بفلوريدا في أعقاب المجزرة التي أودت بحياة 17 شخصاً في مدرستهم في 14 شباط/فبراير 2018، إلى تجمع حاشد في 11 حزيران/يونيو في واشنطن للمطالبة بتشديد تشريعات حمل الأسلحة النارية.