كشفت دراسة علمية حديثة، تُعدّ الأولى من نوعها، عن تغييرات كبيرة تطرأ على دماغ المرأة خلال فترة الحمل، بعضها مؤقت وبعضها يستمر لفترات طويلة. تمكن الباحثون من رسم خريطة للتغيرات التي تحدث عندما يعيد الدماغ تنظيم نفسه استجابةً للحمل. استندت الدراسة إلى 26 عملية مسح دماغي للنساء بدأت قبل الحمل بثلاثة أسابيع واستمرت طوال فترة الحمل وحتى سنتين بعد الولادة.
أظهرت النتائج انخفاضًا في حجم المادة الرمادية، التي تشكّل قشرة الدماغ وتحتوي على الخلايا العصبية، بنسبة تصل إلى 4% في المتوسط في نحو 80% من مناطق الدماغ المدروسة. ورغم بعض التراجع الطفيف بعد الولادة، لم تعد القشرة إلى حجمها قبل الحمل. في المقابل، أظهرت الفحوصات زيادة في سلامة البنية الدقيقة للمادة البيضاء، التي تنقل الإشارات العصبية عبر الدماغ، بنسبة تصل إلى 10%، وهو ما بلغ ذروته في الثلث الثاني والثالث من الحمل، لكنه عاد إلى حالته الطبيعية بعد الولادة.
الباحثون لم يجزموا بأن فقدان المادة الرمادية أمر سلبي، مرجحين أن هذه التغيرات قد تمثل عملية "ضبط دقيق" لدوائر الدماغ استجابةً للمتطلبات الفسيولوجية للحمل، مثلما يحدث في أدمغة الشباب خلال مرحلة الانتقال إلى البلوغ. ومن المتوقع أن تفتح الدراسة آفاقًا جديدة لفهم كيفية تأثير الحمل على الدماغ، بما في ذلك اكتشاف الروابط المحتملة بين هذه التغيرات وظواهر مثل اكتئاب ما بعد الولادة أو تأثير تسمم الحمل على الدماغ.