لاتزال وقود الحرب مشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، ولازالت محل اهتمام وترقب من قبل الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص والعالم بشكل عام. إذ تعد هذه الأزمة هي الأسوء أمنيا بعد الأزمة الصحية لفايروس كورونا التي شهدتها أوروبا والعالم أجمع.
فالحرب اليوم تثير مخاوف الأوساط الأوروبية بشكل خاص، خاصة بعد تلويح الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) بنية استخدام السلاح النووي ودعوته لقوة الردع النووية بالتأهب لأي طارئ، والمعروف إن قوة الردع النووية الروسية تستخدم إذا حاولت اي دولة الهجوم على روسيا أو مصالحها أي ان روسا سترد بسرعة على أي خطر يهدد مصالحها وليس الرد على التهديد النووي فقط. لذا فالتهديد النووي جاء بعد زيادة الضغوط من قبل أوروبا والولايات المتحدة بفرضهم المزيد من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على روسيا، وبسبب نوايا أوروبا وحلف الناتو بمساعدة أوكرانيا وتزويدها بالأسلحة الحديثة المتطورة.
وكما هو معروف أن روسيا هي أكثر الدول امتلاكا للسلاح النووي، بما يقارب 5977 رأسا نووياً. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما مدى جدية مغامرة بوتين باستخدام القوة النووية ودخول العالم بحرب عالمية ثالثة مدمرة؟ أم ان خطوة بوتن بالتهديد النووي هي مجرد استراتيجية عسكرية؟ والتي تعرف باسم "التصعيد لخفض التصعيد" أي لمنع كل خطر يهدد وجود الدولة الروسية.
فلقد أثار بوتين بذلك مخاوف الغرب والولايات المتحدة من احتمالية انفلات الأمور نتيجة أي خطأ، من هنا أو من هناك، فالغرب يعلم جيداً أن من الصعب يتراجع بوتين عن الحرب بسهولة، مما سيضطرهم الى فرض المزيد من العقوبات لزيادة الخناق على روسيا، وبرغم ضرر هذه العقوبات على كلا الطرفين، لكنها الوسيلة الوحيدة التي تضغط بها أوروبا على بوتين.
ولكن تأثير المزيد من هذه الضغوطات على روسيا قد يدفع الى احتمالية استخدام بوتين للقوة النووية كردع على سياسة الغرب والولايات المتحدة، والتي ستكون نتائجها وخيمة على أوروبا والعالم والانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة.
فخوف أوروبا والولايات المتحدة وحتى بعض الأوساط الروسية أيضا من لحظة تاريخية ممكن أن تتصادم خلالها المصالح، وهو ما كان سائد في حقب التاريخ والتي كانت سبب في حدوث حروب طاحنة دموية ومدمرة. ومثال ذلك مقولة (أن اعتى الحروب وأشرسها تبدأ من خطوة صغيرة، وإن أكثر النيران اشتعالاً قد تبدأ بشرارة واحدة).
كما هناك مخاوف أخرى من كل الدول الاشتراكية السابقة والتي يبلغ عددها 15 عشر دولة، من كونها هي التالي بعد أوكرانيا. فالكل يعلم هدف بوتين هو إعادة مجد روسيا، وإعادة كل مكان تابع للاتحاد السوفيتي، وعودة روسيا كقوة عظمى في النظام الدولي كمنافس للولايات المتحدة.
وهذا ما أكدته تصريحات الرئيس الأوكراني (فلاديمير زيلينسكي) الذي انتقد مساندة الغرب لدولته ووصفها بالخجولة، فهو يحذر الغرب والدول الاشتراكية من سقوط أوكرانيا لان روسيا لن تكتفي بأوكرانية، بل ستكمل طريقها حتى تصل الى جدار برلين وتحقيق الحلم الروسي.